انشاء الوقف، وليس منها عدم بيعه بل عدم جواز البيع من أحكام الوقف، وإن ذكر في متن العقد.
ثانيا: ولو سلم أن المأخوذ في الوقف ابقاء العين، فإنما هو مأخوذ فيه من حيث كون المقصود انتفاع البطون به مع بقاء العين والمفروض تعذره هنا.
أقول: لا وجه لما أفاده أولا، فإنه يرد عليه:
أولا: أنه مناقض لما استدل به سابقا على عدم جواز بيع الوقف.
وثانيا: أنه لا وجه لتخصيص الرواية بالكيفيات مع شمول اطلاقها للبيع أيضا، فيحكم بعدم جواز بيع الوقف وعدم جواز التصرف فيه على غير جهة قصد الواقف أخذا بالاطلاق.
وثالثا: على فرض عدم شمولها للكيفيات، فالأدلة الأخرى الناظرة على امضاء الوقف على طبق المعنى اللغوي، الذي عبارة عن الحبس والسكون، وعلى طبق المعنى الشرعي الذي ذكره الفقهاء، أعني حبس العين وتسبيل الثمرة كافية في المانعية، فلم ترد الأدلة المانعة على نحو التعبد، فعدم جواز بيع الوقف ليس للتعبد.
نعم ما أفاده ثانيا، من اعتبار ابقاء العين في مفهوم الوقف ولكن اعتبر ذلك مقيدا بانتفاع البطون، فمع عدم امكان الانتفاع فلا يكون حقيقة الوقف متحققة هنا، من حيث جواز البيع فقط لا من الجهات الأخرى بحيث يكون الوقف مطلقا باطلا.
فحينئذ لا تمنع عن البيع الأدلة المانعة بوجه، لما عرفت أنها مسوقة لامضاء ما اعتبر في مفهوم الوقف فقط وليست ناظرة إلى جهة التأسيس، فمع انتفاء حقيقة الوقف ومفهومه من جهة جواز البيع فلا تبقى في البين أدلة الامضاء أيضا.