حرمة بيع المصحف من الكافر قوله (رحمه الله): المشهور (1) عدم جواز نقل المصحف إلى الكافر.
أقول: إن قلنا بعدم جواز بيع العبد المسلم من الكافر، وكان المدرك فيه هو الاجماع، فلا شبهة في عدم شموله للمصحف، ولا يمكن التعدي من مورده الذي هو المتيقن منه، وإن كان المدرك الآية أو الروايات فقد ادعى شمولها بالمصحف بالأولوية القطعية، إلا أنها ممنوعة كما هو واضح.
وتوضيح ذلك: أن محل الكلام هنا إنما هو مطلق نقل القرآن إلى الكافر ولو بالهبة والإرث، بل لو ملكه المسلم فكفر فهو أيضا داخل في محل النزاع، حتى لو كتبه في قرطاس ونحوه، وإلا قد منع بعضهم كالمصنف وغيره من الأعاظم من بيع المصحف من المسلم أيضا.
ثم إن هذا فيما لم يكن النقل مستلزما للجهات الخارجية الطارية على النقل، مثل الهتك أو مس اليد وإلا فيكون داخلا في بيع المباح ممن يعلم أنه يصرفه في الحرام، كبيع العنب ممن يعلم أنه يجعله خمرا، وبيع الخشب ممن يعلم أنه يصنعه صليبا أو صنما.
وبالجملة فمحط البحث هنا ما إذا كان النظر إلى مجرد النقل فقط، كأن اشتراه الكافر مثلا ليوقفه على المسلمين أو يجعله في مكتبة أو يحفظه في صندوق ونحو ذلك، وأما لو اقترن إلى الجهات الخارجية فلا اشكال في الحرمة، من غير اختصاص له بالكافر أصلا.