وتوضيح منع الدلالة بعد ما لم نجد رواية في تفسير الآية، ولا تعرضا لها في آيات الأحكام:
إن ظاهر الآية هو النهي تكليفا في التسلط على مال اليتيم وتملكه وأكله بالباطل، وذلك لما ذكرنا في بحث التفسير أن النهي عن التقرب يختلف باختلاف الموارد، فإذا تعلق بالأفعال نظير: لا تقربوا الزنا (1)، ولا تقربوا الفواحش (2) ونحوهما، يقيد حرمة الفعل وكونه بنفسه محرما، وإذا تعلق بالأعيان يدل على عدم التسلط عليها وحرمة أكلها ومبغوضية تملكها، إذن فالنهي عن التقرب بمال اليتيم نهي تكليفي لا نهي وضعي يفيد عدم نفوذ التصرف كالبيع والشراء.
والمراد بالباء هو باء السبية، نظير الباء الذي قلنا بالسببية فيه في آية التجارة عن تراض، والمراد بالتي ليس هو التقرب، وإلا لما كان وجه للتأنيث، بل هي إشارة إلى الطريقة الوسطى الاسلامية أو إلى الشريعة الواضحة المحمدية، كما عبر عن ذلك في آية أخرى بالمعروف ونهي عن أكل مال اليتيم إلا بالمعروف (3).
وعليه فتكون الآية نظير آية التجارة نهيا عن أكل للمال بالباطل إلا بالطريقة الوسطى وبالأسباب الشرعية، فلا تكون مربوطا بالبيع والشرى وبجهة الولاية، وإنما ذكر اليتيم هنا لكون أكل المال بالباطل من مال