وكيف كان لا يستفاد من حكمة الجعل إلا كون اعتبار المصلحة في التصرفات الراجعة إلى غير الولي لا في التصرفات الراجعة إليهم، بل ثبت جواز أخذهما من مال الطفل بقدر الاحتياج.
3 - الآية المباركة: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن (1)، التي هي العمدة في المقام، وقلنا في الأمس تبعا للشيخ إن الروايات الدالة على ثبوت الولاية للأب والجد مقيدة للآية ومخصصة لها، لكونها مطلقة من حيث اعتبار المصلحة فيها وعدم اعتبارها، وإنما الثابت اعتبار عدم المفسدة في ذلك كما تقدم، فلا تدل الآية على المدعي.
وفيه أن لهذا الكلام مناقشة واضحة، إذ الروايات المثبتة للولاية عليهما على طائفتين: الأولى: ما دل على كون الأب مالكا للابن وماله، والثانية: ما دل على ثبوت الولاية لهما في النكاح وجواز تزويجهما الولد.
أما الطائفة الأولى، فبناء على دلالتها على مالكية الأب والجد للولد وماله أما حقيقة أو تنزيلا، بأن يعامل معه وماله معاملة مال نفسه وإن لم يكن مالكا حقيقة، وإن كان تماما ولكن نمنع دلالتها على هذا كما عرفت، إذ مورد بعضها الولد الكبير، فلا شبهة في عدم ولايتهما عليهم وعلى مالهم، و أيضا ثبت جواز اقتراض الولي من مال الولد وتقويم جاريته على نفسه، مع أنه لا معنى لأن يقترض الانسان من مال نفسه، وأن يقوم مال نفسه على نفسه.
وبالجملة أن السيرة العقلائية والشرعية وإن اقتضت ثبوت الولاية للأب والجد على الأولاد، ولكن السيرة القطعية أيضا قامت على عدم جواز المعاملة مع مال الطفل معاملة مال نفسه خصوصا الكبار منهم.