الشرائط معا فلو أحرز المفسدة ومع ذلك أقدم على التصرف فبان كونه صلاحا، إذ لو لم يباع لكان تلفا، أو أحرز الصلاح فأقدم فظهر عدم الصلاحية فيكون تصرفه هذا صحيحا، نعم لو أحرز المفسدة في مورد فأقدم على التصرف فظهر كما أحرزه فيكون فاسدا.
والظاهر هو الوجه الأخير، وقبل بيان وجهه فلا بد وأن يعلم أن هذه الجهة لم يحرز في كلامهم، بل لم يذكر إلا بنحو الرمز والإشارة، فنقول:
قد علمت أن المقيد للاطلاقات كان خبر الثمالي، فإنه اعتبر عدم الفساد في تصرفات الأب والجد في مال الطفل، وهو كالمعصية قائم بأمرين: أحدهما الوجود الواقعي، وثانيهما احرازه أي تنجزه، لا يقال:
إن فلانا أفسد أو فعل فعلا فاسدا إلا مع هذين الأمرين.
كما أن الأمر كذلك في عنوان المعصية، حيث ذكرنا في تحقق سفر المعصية أمران: أحدهما أن يكون ما سافر إلا لأجل الغرض المعلوم وهو المعصية، والثاني علم المسافر بذلك وتنجز التكليف في حقه، بحيث يكون المنجز هو الحكم الواقعي في حقه، فلو سافرت المرأة بدون رضاية الزوج فبان أنها مطلقة فلا يكون سفرها معصية، أو سافرت بزعم أنها مطلقة فبان خلافها فليس سفرها سفر معصية أيضا، وإنما يكون سفر معصية مع اجتماع الأمرين.
وبالجملة فما لم يتحقق كلا الأمرين لا يتحقق المعصية، كما أنه مع عدم تحقق الفساد الواقعي واحرازه في التصرف لا يقال إن تصرف الولي كان مفسدا.
وعلى هذا فيكون المقيد لتلك الاطلاقات المثبتة للولاية للأب والجد في خصوص كون تصرفهم مفسدا لمال اليتيم مع العلم به، وما لم يتنجز فلا مانع من التمسك بالاطلاقات والحكم بثبوت الولاية لهما.