ومع الغض عن ذلك فلا وجه لتسرية الحكم إلى صورة التلف أيضا، فإن المال إذا تلف عند اللاحق بلا تسبيب واتلاف بل بتلف سماوي فلماذا يرجع السابق إليه مع كون نسبة ضمانه إليهما على حد سواء، إذ كل منهما وضع يده على ذلك المال ولم يفعلوا شيئا يوجب اتلافه بل تلف ذلك ببلاء من الله، فلماذا يختص اللاحق بالضمان دون السابق، فلا يمكن قياسه بالاتلاف لعدم التسبيب هنا بوجه، وإن كان هناك ما يوجب تصوير التسبيب اجمالا، فكون اللاحق مختارا في رد العين إلى المالك فلم يرده فتلف عنده لا يكون سببا لثبوت الضمان اللاحق، فإن اللاحق مع السابق سيان في ذلك المعنى لكون السابق أيضا مختارا في رد العين إلى مالكها كما لا يخفى.
بيان آخر عن جواب السيد:
قد أجاب السيد في حاشيته (1) عن ذلك بوجوه سبعة، وإن كان يمكن الجواب عن بعضها، والعمدة منها ثلاثة:
ألف - مما لا جواب عنه، أن السابق أيضا يصدق عليه أن ضامن شئ له بدل، فإنه وإن لم يكن حين حصول العين في يده لها بدل، لأن ضمان اللاحق لم يتحقق في ذلك الحين لفرض حصوله بعد وضع اليد عليها، إلا أن الملاك في استقرار الضمان بالنسبة إلى الكل إنما هو بعد التلف، فحينئذ يصدق أن كلا منهم ضامن لما له بدل، فإن المناط ليس حال حدوث الضمان بل حال فعليته.
وبالجملة حين التلف الذي هو زمان الانتقال إلى القيمة يصدق بالنسبة إلى الكل أنه ضامن لما له بدل بل أبدال.
ب - إن مقتضى ذلك كون ضمان الأول أيضا لمالك العين لا لمن عليه