فإذا سقاه أحد فليس له أن يرجع إلى أشخاص آخرين ممن اطلعوا على حاله، فللمقام أي خصوصية اقتضت جواز رجوع من أدى ما ضمنه إلى الضامن الآخر.
وقد أجيب عن هذا الاشكال بوجوه:
1 - ما في حاشية السيد (1)، من أنه كما أن في صورة الاتلاف يكون المتلف سببا لتنجز الضمان على السابق فبقاعدة استناد الفعل إلى السبب لكونه أقوى من المباشر ففي صورة التلف أيضا أن من عنده تلف المال فهو سبب لتنجز الضمان للسابق أيضا، فإنه أي اللاحق كان له الاختيار في رده إلى المالك، فحيث إنه بسوء اختياره لم يرده إليه فيكون هو السبب لتنجز الضمان على السابق فيرجع السابق إلى اللاحق مع رجوع المالك إليه لذلك، أي لقاعدة استناد الفعل إلى السبب، ثم قال: إنه بعد ذلك لا احتياج إلى التوضيح الذي ذكره المصنف.
وفيه أن هذا على تقدير تماميته في الاتلاف بدعوى كون المتلف سببا لثبوت الضمان على سابقه، فبمقتضى أن السبب أقوى من المباشر فيرجع السابق لو رجع إليه المالك إلى لاحقة المتلف.
فهذا له وجه في صورة الاتلاف مع وضوح المناقشة فيه أيضا، إذ الاتلاف ليس سببا للضمان هنا بل الضمان قد تحقق قبله بمقتضى اليد، فضمن المال المأخوذ السابق واللاحق كليهما حتى يؤديا المال إلى مالكه فلم يتوقف ذلك بشئ أصلا، وإنما الاتلاف أوجب الانتقال إلى الذمة، فهو معنى آخر غير الضمان فلا يكون اللاحق سببا لضمان السابق، بل سبب الضمان في كلهم إنما هو الأخذ باليد والاستيلاء على مال الغير كما هو واضح.