أحد مال غيره أو غصبه فباعه من شخص ثان بقيمة قليلة وبثمن بخس، ثم باع الثاني من ثالث بهذه القيمة أيضا بقصد الاحسان بأن يشترط أن يعطي الفقراء ويطعم المساكين، فبعد ما صرف الثالث المال في الاحسان أو أكله بنفسه ثم علم أنه كان مال الغير فرجع المالك إلى الثالث فأخذ منه جميع ما يترتب على ماله من المنافع والعين، فليس لهذا الثالث أن يرجع إلى الثاني بدعوى أنه مسبب في ذلك، فإن السيرة قاطعة على أنه لا يصدق التفويت في مثل ذلك بوجه، فليس التلف مستندا إلى نفس الثاني كما هو واضح لا يخفى.
وبالجملة أن هذا ليس إلا كسائر البيوع الفاسدة من دون فرق بينها بوجه، فيكون الضمان على من تلف عنده المال فلا بد وأن يخرج من عهدة الضمان، بل المشتري بنفسه أقدم على ذلك، لا بمعنى أن الاقدام من المضمنات، بل اليد أو السيرة والاقدام إنما هو لدفع ما يمنع عن الضمان من الوديعة ونحوه مما لا يوجب الضمان، فالاقدام بالضمان يوجب دفع ذلك المانع.
ثم إنه ذكر المصنف فرقا في بعض الأوصاف وقال: وأما ما يغرمه بإزاء أوصافه فإن كان مما لا يقسط عليه الثمن كما فيما عدا وصف الصحة من الأوصاف التي يتفاوت بها القيمة، كما لو كان عبدا كاتبا فنسي الكتابة عند المشتري فرجع المالك عليه بالتفاوت، فالظاهر رجوع المشتري على البايع لأنه لم يقدم على ضمان ذلك.
وأشكل عليه شيخنا الأستاذ (1) بايراد ظاهر، بأن الأوصاف مطلقا لا يقسط عليها الثمن كالشروط، ولا ينافي ذلك ما يقال: إن للوصف أو الشرط قسطا من الثمن، لأن معناه أن قيمة العين تزداد بالوصف أو الشرط