وربما يؤيد ذلك في الجملة ما ذكروه في باب الوصية، من أنه لو أوصي بدار فانهدمت قبل موت الموصي بطلت الوصية لانتفاء موضوعها، نعم لو لم يكن الدارية والبستانية ونحو ذلك مثلا عنوانا للوقف وإن قارنت وقفه، بل كان المراد الانتفاع به في كل وقت على حسبما يقبله لم يبطل الوقف بتغيير أحواله، ثم ذكر في عود الوقف بعد البطلان إلى ملك الواقف أو وارثه على تقدير موته أو الموقوف عليه وجهين (1).
وأشكل عليه المصنف أولا: بالاجماع على أن انعدام العنوان لا يوجب بطلان الوقف، بل ولا جواز البيع، وإن اختلفوا فيه عند الخراب أو خوفه لكنه غير تغيير العنوان.
وثانيا: أنه لا وجه للبطلان بانعدام العنوان، لأنه إن أريد بالعنوان ما جعل مفعولا في قوله: وقفت هذا البستان، فلا شك أنه ليس إلا كقوله:
بعت هذا البستان أو وهبته، فإن التمليك المعلق بعنوان لا يقتضي دوران ملك مدار العنوان، فالبستان إذا صار ملكا فقد ملك منه كل جزء خارجي وإن لم يكن في ضمن عنوان البستان وليس التمليك من قبيل الأحكام الجعلية المتعلقة بالعنوانات، وإن أريد بالعنوان شئ آخر فهو خارج عن مصطلح أهل العرف والعلم، ولا بد من بيان المراد منه هل يراد ما اشترط لفظا أو قصدا في الموضوع زيادة على عنوانه.
وأما تأييد ما ذكر بالوصية، فالمناسب أن يقاس ما نحن فيه بالوصية بالبستان بعد تمامها وخروج البستان عن ملك الموصي بموته وقبول الموصي له، فهل يرضي أحد بالتزام بطلان الوصية بصيرورة البستان عرصة، وإنما البستان ملكه الموصي له بجميع خصوصياته من العرصة