أقول: لم يتحصل لنا شئ مما ذكره المصنف في الصورة الثانية، وذلك لأنه إن كان مراده من الصورة ما كان الوقف ساقطا عن المنفعة العرفية لأجل الخراب، بحيث لم تبق للعين في نظر العرف منفعة أصلا، بل صارت عديمة النفع، وإن كان لها نفع بحسب الدقة العقلية.
كما إذا وقف الواقف سريرا وسقط عن السريرية بحيث لا ينتفع به عرفا بعنوان السريرية، ولكن يمكن الانتفاع به بوضعه على وراء الباب ليمنع عن السارق، أو يذاب حديدته وينتفع في مورد آخر، أو يجعل شباكا على السطوح ونحوها، ولكن لا يعد شئ منها من منافع السرير.
وكذلك لو وقف حمارا لينتفع به في الحمل والركوب، ولكن سقط عن الانتفاع به لأجل السيارات، ومع ذلك يمكن الانتفاع به بأن يسد في مجراء الباب ليمنع عن السارق، فلا يقال إن هذا منفعة الحمار، وغرض الواقف من حبس العين وتسبيل الثمرة شامل لذلك، وحينئذ فيكون الفرق بين هذه الصورة والصورة الأولى هو أن في الصورة الأولى فقد سقطت العين عن الانتفاع بها بالكلية بخلاف هذه الصورة، فإن للعين منفعة بحسب الدقة العقلية.
فإن كان مراده من الصورة الثانية هو ذلك، فلا وجه للاستدراك ثانيا في هذه الصورة بقوله نعم لو كان قليلا في الغاية بحيث يلحق بالمعدوم وأمكن الحكم بالجواز، لانصراف قوله (عليه السلام): لا يجوز شراء الوقوف (1)، إلى غير هذه الحالة، فإنه لا وجه للاستدراك بعد ما كان الغرض من الصورة الثانية هو ذلك.