الأمر أن المراد بالبطلان هو البطلان من جهة البيع فقط، وأما الجهات الأخر من الهبة واعدام الوقف والتصرف فيه بما ينافي الوقف فلا وجه للبطلان.
نعم لو كان مراد صاحب الجواهر هو البطلان من جميع الجهات بحيث يعود الوقف إلى ملك الواقف وينقل إلى الورثة لو مات الواقف فلا وجه له، إذ لا مقتضي ولا دليل على ذلك، فإن الواقف بعد ما جعل ماله وقفا وحبسا أبديا، كما استفدنا ذلك من القرائن الموجودة في عبارة الواقف، فبأي دليل يعود الوقف إلى ملك الواقف أو وارثه، ولكن تقدم أن هذا ليس مما يحتاج إلى النظر فضلا عن إمعان النظر، وإنما المحتاج إلى ذلك هو ما ذكرناه، أي البطلان من جهة البيع فقط، بل هذا مقوم لدوام الوقف وبقائه إلى الأبد، وإلا فيكون الوقف منعدما في مدة قليلة بحسب مقتضى الكون والفساد، كما هو كذلك في جميع الأوقاف، وإن كانت العرصة باقية في وقف الدار ونحوها كثيرا.
وأما ما ذكره (رحمه الله) من انكار كون الوقف مشروطا ببقائه على كونه قابلا للانتفاع به أيضا ليس بصحيح، فإن عمدة ما ذكره من الأجوبة هو ما منعه من كون الشرط شرطا في الاستدامة، قياسا له بالبيع إذا خرج المبيع عن المالية، وأنه لا وجه لبطلان الوقف وانقلابه إلى الفاسد بعد انعقاده صحيحا.
والوجه في ذلك هو أنك عرفت أن حقيقة الوقف عبارة عن حبس الأصل وتسبيل الثمرة، وعليه فاللازم انتهاء أمد الحبس بانتهاء الثمرة، إذ الحبس لأجل التوصل إلى غاية لا يعقل بقاؤه بعد عدم امكان التوصل إلى الغاية، وإلا لم يكن الباقي حبسا لتسبيل الثمرة، فوقفية الوقف يقتضي كونه مما ينتفع به دائما، فما دام شخصه موجودا ينتفع بشخصه