وإن كان المراد من هذه الصورة سقوط العين الموقوفة عن الانتفاع بها لا مطلقا بحيث تعد في نظر العرف مسلوبة المنافع بل تقل منفعته، كما إذا كانت دار موقوفة وكانت تستأجر في كل سنة بمائة دينار، إلا أنه عرض لها الخراب فتستأجر بخمسين دينارا، ومع ذلك فلا ينكر أحد أن الدار مما لا منفعة فيها، نعم قد قلت منفعته، وحينئذ فالفرق بين هذه الصورة والصورة الأولى من الوضوح بمكان.
وإن كان مراده ذلك من الصورة الثانية فلا وجه لذكر الصورة الثالثة، فإنها عين ذلك.
وبعبارة أخرى لا وجه لجعل الصورة الثانية صورتين، لأنها إما عين الصورة الثالثة أو غيرها فيكون قسما في مقابلها، بل يراد من الصورة الثانية هو الشق الأول، أعني ما ذكره المصنف بعنوان الاستدراك، فيكون مقابلا للصورة الأولى والثالثة، ولا شبهة في جواز بيعه أيضا، فلا يعد هذه المنفعة الحقة بالمعدوم من المنافع للوقف في نظر العرف، ولا تشمله الأدلة المانعة عن بيع الوقف، خصوصا قوله (عليه السلام): ولا يجوز شراء الوقوف ولا تدخل الغلة في ملكك (1)، فتكون عمومات صحة البيع محكمة.
وقد عرفت في الصورة الأولى أيضا أن أدلة المنع منصرفة عن العين الموقوفة إذا صارت عديمة النفع، بل لا يشمل ذلك مفهوم الوقف أيضا، فإنه إنما يشمل ما تكون العين ذا منفعة ليصدق عليها حبس العين وتسبيل المنفعة كما هو واضح.