أما الكلام في جهة الثانية، فهو ما أشار إليه بقوله: والحاصل أن الأمر دائر بين تعطيله حتى يتلف - الخ.
أقول: إنه لا اشكال في وجود المقتضي لبيع الوقف إذا عرضه ما يوجب سقوطه عن الانتفاع به، وتحقيق ذلك:
أن الأمر حينئذ دائر مدار تعطيل الوقف حتى يتلف وبين انتفاع البطن الموجود به، وبين تبديله لينتفع به البطن المتأخر، والظاهر جواز تبديله بل لزومه لينتفع به البطن الموجود والبطون المتأخرة، وذلك فإن العبارة المقترنة بكلمة الواقف: حتى يرث الله الأرض ومن فيها، مع كون العين الموقوفة مما لا بقاء لها إلى الأبد قطعا مع عدم المعنى لوقف المنقطع، تدل على أن الخصوصية غير دخيلة في العين الموقوفة، وأن الملحوظ فيها إنما هي طبيعي المالية في ضمن أي شخص كان، فما دام يمكن الانتفاع بعينها فبها، وإلا فيبدل بعين أخرى عن جنسها أو من غير جنسها فينتفع بها.
مثلا لو وقف عبدا أو حمارا أو شيئا آخر مما لا دوام فيه على صلاح المسجد حتى يرث الله الأرض ومن عليها، فلا بد وأن يكون نظر الواقف إلى طبيعي المال، وإلا فلا معنى لتعقيب كلامه بهذه العبارة، لعدم كونها قابلة للبقاء، فإذا سقطت عن الانتفاع بها يبدل بشئ آخر فينتفع به وهكذا لتبقي إلى الأبد، إلا أن يعرضه بشئ ويهلكه، فحينئذ ينتفي الموضوع.
وهكذا الأمر في العين التي تصلح للبقاء ولكن عرض لها ما يسقطها عن الانتفاع بها، كالدار الموقوفة في قرية، فإنه إذا غار أهلها سقطت هذه الدار عن الانتفاع بها، فحينئذ يجوز بيعها وتبديلها بشئ آخر، فلا يصرف ثمنها إلى الموجودين لينقطع الوقف، وإن كانت لعرصة هذه الدار بقاء، لما عرفت أن غرض الواقف إنما هو البقاء إلى يرث الله