ب - أنه لا دليل على عدم ضمان الأول بل الثاني فقط، فإن سبب الضمان ليس إلا اليد فهي بالنسبة إليهما على حد سواء، وكون التلف أو الاتلاف تحت يد الثاني لا يوجب إلا انتقال البدل إلى الذمة دون أصل الضمان كما لا يخفى.
ج - أن لنا دليل على ضمان الأول، فإن السيرة قائمة على اشتغال ذمة الغاصب الأول بما أخذه من الغير باليد العادية أو بالبيع الفاسد وإن أعطاه إلى الغير بلا غرور، ومن هنا لو مات لكان ما في ذمته من جملة ديونه ويصح الصلح عليه، فلو كان المتوجه إليه مجرد الحكم التكليفي لم يكن وجه لهذه الأمور بل لو لم يدفع لأجبر بذلك، مع أنه لا وجه لذلك مع كون الخطاب تكليفيا محضا بل يسقط بالعصيان وبالموت، فلا وجه للأخذ من ماله أو اجباره على الدفع وغير ذلك من الأحكام المتعلقة على ما في الذمة.
وأما ما يرجع إلى الجملة الثانية، من أن الغاصب الأول يملك باعطاء البدل ذلك البدل في ذمة الغاصب الثاني بلا وجه لوجهين:
ألف - إن التملك لا يحصل إلا بسبب إما اختياري أو غير اختياري كالإرث، ففي المقام شئ منهما غير موجود، فبأي سبب ملك الأول ما في ذمة الثاني ليكون هذا سبب الرجوع إليه، بل يسقط حق المالك بمجرد أداء واحد لعدم بقاء الموضوع له، وهذا الذي أفاده راجع إلى مقام الاثبات أيضا وأنه لا دليل لتملك الأول لما في الذمة الثاني وإن كان معقولا في الواقع ومقام الثبوت.
ب - أن لازم ذلك أن لا يرجع الأول مع رجوع المالك إليه إلا إلى من تلف المال في يده، فإن باعطائه البدل يسقط الأحكام التكليفية المتوجهة على الغاصبين لأداء البدل، فلم يبق إلا الأخير لكون خطابه ذميا فلا