امضاء الشارع مانع عن مضي هذا الضمان، فإذا لم يمض الشارع الضمان الخاص العقدي فيكون أصل الضمان بالاقدام باقيا على حاله لقاعدة الاقدام أو لقاعدة اليد من دون أن يكون هنا تسليم وتسلم مجاني.
وهذا بخلافه هنا فإن التسليط إنما هو تسليط مجاني وليس إلا كتسليط ثالث عليه واعطائه له فلا ضمان هنا بوجه إلا أن يكون فساد العقد بانتفاء شرائط العوضين ككونه خمرا أو خنزيرا أو أم ولد، فإنه لا ضمان هناك أيضا في هذه الصور، هذا ملخص كلامه رفع في علو مقامه.
وفيه أنه وإن أتعب نفسه وأطال كلامه ولكن أسقط من كلامه ما هو نكتة المقام، أي صورة بيع الفضولي مال الغير لنفسه، وهي أن المشتري إنما سلط البايع الفضولي على ماله بانيا على فساد العقد فيكون كسائر العقود الفاسدة، فلا وجه لتفريد ذلك عن غيرها من العقود الفاسدة.
إذن فلا وجه لقياسه بالبيع بلا ثمن فإنه ليس إلا هبة مجانية، ولا بالإجازة بلا أجرة وبالعارية وباعطائه لثالث، فإن في جميعها أن التسليط ليس إلا مجانيا وهذا بخلاف المقام فإن التسليط فيها ليس مجانيا، ولذا لو سئل عنه أنك وهبت مالك أو أعرت، فيجيب أني عاملت مع فلأني.
ويدل على ذلك أنه لو كان التسليط مجانيا لم يكن وجه للحكم بكونه أي البايع غير جائز التصرف، مع أن المصنف حكم بحرمة التصرف في الثمن.
وبالجملة لا نعرف وجها للفرق بين ما نحن فيه وبين سائر العقود الفاسدة، والنكتة هي ما ذكرناه من أن التسليط والتسلط مبني على الفساد أي على فساد العقد، فيكون ذلك كالعقود الفاسدة، وقد عرفت الضمان فيها كما عرفت أن قاعدة ما يضمن ليس له أساس، وأن تكلف المصنف