من قبيل الخروج الموضوعي (1). لكن ربما يكون مقصودهم الخروج الحكمي، فتكون هذه الموارد من قبيل قولهم: " لا شك لكثير الشك " حيث يكون نفي الحكم فيها بلسان نفي الموضوع. فإن كثير الشك شاك واقعا، نعم لا يشمله حكم الشاك تسهيلا له، فيكون حكم الإسراف في هذه الموارد مستثنى من حكم الإسراف بصورة عامة.
ومع ذلك كله فقد حدد الفاضل النراقي الخروج الحكمي، ولم يلتزم به على إطلاقه. قال بعد ذكر الموارد المتقدمة:
"... فليس المراد نفي حرمة الإسراف فيها، حتى إنه لو رش أحد فضاء بيته وسطوحه وباب داره بماء الورد، أو يطلي أبواب بيته وجدرانه بالمسك والعنبر، ولو كان فقيرا، جاز ذلك ولم يكن مسرفا، وكذا إذا أسرج المشاعل في النهار أو نحوه، وكذا البواقي، بل المراد: أن الإكثار في هذه الأمور مطلوب، والتجاوز عن الحد في الجملة فيها معفو، مع أنه ورد: " أن عدم الإسراف في المأكل لأنه لا يضيع بل يأكله الآكلون ". ولو سلم، فإنما يكون من باب الاستثناء " (2).
وسوف نبحث عن الموارد المتقدمة كغيرها فيما يأتي إن شاء الله تعالى، لكن نقتصر هنا على الكلام فيما ورد في بعض الروايات: من أنه " ليس فيما أصلح البدن إسراف " فهل يجوز الأخذ بالرواية على الإطلاق حتى فيما عده العرف إسرافا، بمجرد أنه نافع للبدن؟
إذن لا بد من تقييد الروايات بما لا يعده العرف إسرافا قطعا.
هذا مع غض النظر عما في سند الرواية من الضعف والإرسال (1).