على العرف، ثم انتزع من العرف والروايات أمورا ثلاثة جعلها معايير له (1) - لكن كلامه في الأمور المالية، فهو أخص من العنوان المبحوث عنه - وهي:
المعيار الأول - أن يكون صرف المال إتلافا وتضييعا له، مثل إراقة فضل الطعام والماء والزيت ونحو ذلك، مما يمكن أن يستفاد منه.
واستشهد له بما رواه داود الرقي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " إن القصد أمر يحبه الله عز وجل، وإن السرف أمر يبغضه الله عز وجل، حتى طرحك النواة، فإنها تصلح لشئ، وحتى صبك فضل شرابك " (2).
المعيار الثاني - أن يكون صرف المال زائدا على قدر الحاجة، كما إذا بنى من لا يحتاج إلى أكثر من دار واحدة عشر دور، وتركها دون أن يسكن فيها أحدا.
واستشهد لذلك بما دل على النهي عن إنفاق ما في اليد في سبيل الله. وبما ورد في ذيل مرسلة إسحاق بن عبد العزيز: "... قلت: فما الإقتار؟
قال: أكل الخبز والملح وأنت تقدر على غيره، قلت:
فما القصد؟ قال: الخبز واللحم واللبن والخل والسمن، مرة هذا ومرة هذا " (1).
فإن التقييد بالمرة والمرة لإخراج الزائد عن قدر الحاجة في الإدام.
المعيار الثالث - أن يكون صرف المال زائدا على اللائق بحاله، كما إذا اشترى من لا وارد له سوى ما يقوت به عياله، فرسا ثمينا ربما لا يركبه في السنة مرة، وصرف المال الكثير في نفقته.
واستشهد له بما رواه إسحاق بن عمار:
" قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): يكون للمؤمن عشرة أقمصة؟ قال: نعم. قلت: عشرون؟ قال:
نعم. قلت: ثلاثون، قال: نعم، ليس هذا من السرف، إنما السرف أن تجعل ثوب صونك ثوب بذلتك " (2).
وبما رواه أصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: " للمسرف ثلاث علامات: يأكل ما ليس له، ويشتري ما ليس له، ويلبس ما ليس