وكذلك إذا ادعى البايع المبيع ثوب، وادعى المشتري أنه حيوان، أو ادعى البايع أن المبيع عبد، وادعى المشتري أنه جارية، فإن الأصل في ذلك كله عدم وقوع البيع بكل منهم، فيكون من قبيل التداعي، هذا كله إذا كان يدعي كل منهما الاشتراط.
وبالجملة أن كل من يدعي شرطا على الآخر من المتبايعين فالأصل عدمه كما ذكره المصنف، فإن كان المدعي أحدهما فقط فيكون الأصل مع الآخر، وإن كان كليهما مدعيا، أما مع الاتفاق على المبيع أو مع الاختلاف فيه، فالمورد هو مورد التداعي كما لا يخفى.
وأما إذا كان أحدهما يدعي الاطلاق والآخر يدعي التقييد، بأن يدعي البايع كون المبيع حنطة كلية، ويدعي المشتري كونه من حنطة المزرعة الفلانية، فالظاهر هنا أيضا هو تعارض الأصول حتى بناء على جريان العدم الأزلي في ناحية المقيد.
وتحقيق ذلك:
أنك قد عرفت في علم الأصول في مبحث التعبدي والتوصلي وغيره أن الاهمال في الواقع مستحيل، فلا بد وأن يكون الملحوظ إما مطلقا أو مقيدا، وعلى كل تقدير فكل منهما أمر وجودي في مقام الثبوت ومحتاج إلى اللحاظ، وأن الاطلاق في مقام الاثبات أمرا عدميا، وهو عدم التقييد.
وعلى هذا فيكون الأصل في كل من الاطلاق والتقييد جاريا ونافيا له، فيقال: إن العقد حين ما وجد فالأصل عدم وجوده مطلقا، وكذا إن الأصل عدم وجوده مقيدا، فيكون المورد أيضا من قبيل التداعي، أما الاستصحاب العدم المحمولي فواضح، فيقال: الأصل عدم اتصاف العقد بالاطلاق، وكذلك في الآخر: إن الأصل عدم اتصافه بالتقييد