وذكرنا أيضا أن جريان الأصل في كل من معلوم التاريخ ومجهوله موقوف على النزاع في أن الأصل يجري فيهما معا كما اخترناه في محله، أو في مجهول التاريخ فقط كما اختاره شيخنا الأنصاري (رحمه الله).
فعلى ما اخترناه تصل النوبة إلى الأصل الحكمي من أصالة بقاء الثمن في ملك المشتري، وعلى مسلك المصنف فلا بد من التفصيل، فإن كان البيع معلوم التاريخ والتلف مجهول التاريخ فنستصحب عدم التلف إلى زمان البيع فنحكم بالصحة كما تقدم، وعلى تقدير كون التلف معلوم التاريخ فالبيع مجهول التاريخ فنحكم بجريان الاستصحاب في البيع فنقول الأصل عدم وقوع البيع إلى زمان التلف فينتج البطلان، فلا يمكن الحكم بكون الأصل بقاء مال المشتري في ملكه، هذا.
ولكن نقول اليوم خلافه، وأن الاستصحاب لا يجري مطلقا، فإن جواز البيع وعدم جوازه أي امضائه وعدمه من الأحكام الشرعية، فلا ربط له بوقوعها في الخراج بفعل المتبايعين.
وأما أصل وقوع البيع فمفهوم البيع أعني اعتبار ملكية كل من العوضين لكل من المتبايعين واظهاره بمبرز في الخارج بحيث يرى العرف والعقلاء بيعا في اعتبارهم أمر وجودي محقق بوجوده الاعتباري، والانشاء على انفراده ليس بيعا وإنما هو مظهر للبيع ومبرز له ومخبر عن الاعتبار النفساني، ومن الواضح أن العقلاء إنما يعتبرون البيع فيما إذا كان للمبيع وجود خارجي، أو كليا بحيث اعتبر العقلاء ملكيته وصحة وقوع البيع عليه في اعتبارهم، ومع عدمه فلا يتحقق مفهوم البيع أصلا، فإنه لا معنى لبيع المعدوم.
وبعبارة أخرى أن وجود المبيع دخيل في تحقق البيع في اعتبار العقلاء، فمع العلم بعدم المبيع لا يقع عليه البيع، فإنه من قبيل المعدوم،