اللهم إلا أن يقال: إن بطلان التعليق إنما هو بالاجماع كما سمعت، و هو دليل لبي فلا بد من أخذ المتيقن من ذلك، فهو فيما إذا كان البايع باع مال نفسه فلو علقه على شئ فحكم ببطلانه للتعليق للاجماع على بطلانه، وأما فيما كان التعليق في بيع مال غيره فلا يقين لنا لكونه داخلا في معقد الاجماع.
ب - أن يكون الانشاء والمنشأ كليهما فعليين من دون أن يكون في البين تعليق، بأن يكون المنشأ الملكية بعد خمسة أيام بل ينشأ ملكية مال زيد لعمرو في مقابل خمسة دنانير ليدخل الثمن في كيسه ويخرج المثمن من كيس زيد، من غير أن يكون غرضه انشاء الملكية المتأخرة ليتملك بعد ذلك ويعطيه للمشتري.
إن كان غرض التستري (رحمه الله) هذا الوجه، الظاهر أنه لا مدفع له لانتفاء حقيقة المبايعة، فإن حقيقتها المبادلة بين المالين، وذلك لا يتحقق إلا بكون العوض داخلا على كيس من خرج المعوض من ذلك، ومن هنا قلنا سابقا إن حقيقة البيع عبارة عن المبادلة بين المالين في جهة الإضافة وبأن يعقد العوض مكان المعوض والمعوض مكان العوض، وإلا فليس المراد من التبديل التبديل المكاني.
وعلى هذا فيتوجه اشكال عدم تحقق القصد إلى حقيقة المبايعة والمبادلة، وما قلنا أمس من عدم دخالة خصوصية المالك في حقيقة البيع لكونها أمرا زائدا عنها وإن كان صحيحا ولكن المقام ليس كذلك لما عرفت من عدم كون ذلك مربوطا بتلك الخصوصية بل راجعا إلى هدم حقيقة البيع، فإنه إنما لا يضر عدم التوجه إلى الخصوصيات المالكية إذا كانت حقيقة البيع متحققة وإنما كان الاشتباه في خصوصية المالك أنه هو أو غيره.