ففي المقام أيضا أن الراهن في بيعه هذا لم يعص الله وإنما عصى المرتهن، فيكون عقده وبيعه صحيحا ويتم من جميع الجهات بإجازة المرتهن، فهذا لا شبهة فيه بوجه من الوجوه كما هو واضح لا يخفى.
ويؤيد ذلك بيع الصرف والسلم، حيث إن العقد حين وقوعه لم ينتسب إلى من له البيع إلى زمان القبض لاشتراطه به، وإنما ينتسب بعد تحقق شرطه وهو القبض ويكون مشمولا لأوفوا بالعقود.
ومقامنا كذلك، فإن العقد الصادر من الراهن لم يكن مستندا إلى الراهن حين الصدور من جهة المانع وكان باطلا بمعنى عدم ترتب الأثر عليه ولكن بعد ارتفاع المانع يكون منتسبا إلى المالك ومشمولا للعمومات كما هو واضح.
وبعبارة أخرى أن المقام من صغريات دوران الأمر بين التخصيص والتقييد، وقد تحقق في محله أن التقييد مقدم على التخصيص لكونه قدرا متيقنا، مثلا إذا ورد أكرم العلماء وعلمنا بخروج زيد العالم عنه في اليوم الأول يقينا، ولكن نشك في خروجه إلى الأبد أو في اليوم الأول، فحينئذ يدور الأمر بين تقييد العام باليوم الأول والالتزام به من جهة طرو حالة موجبة للتقييد وبين تخصيصه واخراج الخاص من تحته إلى الأبد فيؤخذ القدر المتيقن لأنه المتيقن الخروج وتمسك بالعام في الأزمنة الأخرى.
ومقامنا كذلك حيث ورد التقيد قطعا للعمومات ببيع الراهن حين تعلق حق الرهانة بالعين الموهونة وخرج بيعه هذا عن تحت العمومات نظير خيار المجلس، ولكن نشك أن هذا الخروج باعتبار تلك الحالة فقط أعني حالة تعلق حق المرتهن عليها ليكون الاخراج تقييدا، أو أبدى ليكون الخروج تخصيصا، فحيث إن القدر المتيقن هو الأول فالمقدار الزائد منه