عرفا، فلا يصدق على هذه المعاملة أنها غررية لعدم الخطر هنا بوجه بحيث يذهب مال المشتري هدرا وصار معدوما، بل يحصل له بعد مدة قليلة، والفرض أنهما عالمان بخصوصيات العوضين لئلا يكون جهل من جهة أخرى.
وكذلك ليس هذا من قبيل بيع ما لا يتسلط على تسليمه، لأن الفرض أنه قادر عليه كما لا يخفى، والنبوي ينصرف عن مثل ذلك.
ولو تعذر التسليم، بناء على كونه شرط في البيع إلا بعد مدة لا يتسامح فيها كسنة أو أزيد، فهي على قسمين: الأول: أن يكون المدة مضبوطة ومقدرة، والثاني: أن لا تكون مضبوطة.
أما الأول، فتارة يكون المتبايعان عالمين بالحال وأخرى يكونان جاهلين بالحال، فعلى الأول، فجعل المصنف فيه وجهان ولم يبين ما هو الأقوى في نظره.
ولكن الظاهر هو الصحة، بناء على اعتبار القدرة على التسليم في البيع، وذلك لأن دليل الاعتبار أما دليل نفي الغرر في البيع، فهو لا يشمل المقام، فإنه بمعنى الخطر والخطر بمعنى احتمال الهلاكة، ففي صورة العلم بالواقع والتعذر إلى مدة معينة كقدوم الحاج ونحوه فلا خطر بوجه، إذ هو متقوم بالجهل والغفلة على ما ذكره المصنف، و المشتري إنما أقدم عليه مع العلم بالحال، فأي خطر هنا.
وأما النهي عن بيع ما ليس عنده فلأنه مع العلم أقدم عليه، فالمقام في قوة اشتراط تأخير التسليم لفرض علم المتبايعين بالحال، ومع ذلك فلا يكون عدم القدرة على التسليم إلى المدة المضبوطة مضرا في البيع، كما لا يضر مع اشتراط التأخير كما لا يخفى، وبالجملة أن البيع هنا صحيح بلا شبهة.