العقد بالتلف الرافع للغرر لا يرفع الغرر العرفي، لما عرفت من عدم لحاظ الغرر مع الأحكام الشرعية كما لا يخفى.
أقول: إن الغرر وإن كان من المفاهيم العرفية وأمره تحت نظر العرف كسائر المفاهيم العرفية، إلا أن تطبيقه على المصاديق ليس منوطا بنظرهم، وعليه فإذا حكم الشارع في مورد بعدم الغرر أو بوجوده فلا محذور فيه، ولا يقال: إن العرف لا يراه غررا، كما هو كذلك في كثير من الموارد، كنفي الربا بين الوالد والولد، ونفي الشك في كثير الشك وهكذا.
وعلى هذا فلا مانع من الحكم بصحة البيع مراعي بالتسلم نظير بيع السلم، فإنه إن كان البايع قادرا على التسليم إلى رأس المدة فيحكم بالصحة فلا خطر، وإن لم يقدر على تسليمه، وأيضا لا غرر لكونه باطلا من أصله.
وبالجملة فحكم الشارع بالانفساخ مع تعذر التسليم الذي هو في حكم التلف قبل القبض رافع للغرر، فلا وجه لما أفاده المصنف من كون الغرر أمرا عرفيا غير مربوط بحكم الشارع وغير ملحوظ معه.
وبعبارة أخرى عدم القدرة على التسليم هنا كتلف المبيع قبل القبض في سائر الموارد، فكما أنه ليس غرر في الثاني وكذلك في الأول، كما لا يخفى.
وأما بيع المجحود والضال والمغصوب، فإن كان تسليمها مرجوعا في مدة مضبوطة فلا شبهة في صحة المعاملة لعدم الغرر فيها، بناء على تمامية دليل نفي الغرر، وحينئذ إذا تمت المدة فإن حصل تمكن فيها وإلا فيحكم بالبطلان للانفساخ، فأيضا لا غرر، وتوهم غررية البيع في مدة عدم الوصول إلى المبيع فاسد، لاقدام المشتري في ذلك الوقت على الضرر.