أقول: الصور المتصورة في المقام أربعة: علم المتبايعين بالقدرة مع وجود القدرة الواقعية وعلمهما بالعجز، مع العجز عن التسليم في الواقع، وعلمهما بعدم القدرة مع وجود القدرة في الواقع، وعلمهما مع عدم القدرة في الواقع.
أما الصورة الأولى، فلا شبهة في الصحة، لوجود القدرة على التسليم في الواقع وعلمهما، فلا غرر ولا أنه من بيع ما ليس عنده.
وأما الصورة الثانية، فلا شبهة في عدم صحته لكونها من أوضح أفراد الغرر المنهي عن البيع ومن قبيل بيع ما ليس عنده، وإنما الكلام في الصورتين الأخيرتين.
أما الثالثة، فهي ما كان المتبايعان عالمين بعدم القدرة، ولكن كان في الواقع عاجزين عن التسليم أو أحدهما عاجزا عنه، وعلى أن دليل الاعتبار هو دليل نفي الغرر فلا شبهة في فساد المعاملة، إذ الغرر هو الخطر والخطر بمعنى احتمال الخطر فهو موجود في المتبايعين أو في أحدهما بالوجدان، فهو ليس تابعا بالواقع، قد عرفت أن المصنف قال باعتبار الجهل والغفلة في مفهوم الغرر، فهو متحقق فيما نحن فيه كما لا يخفى، فتكون المعاملة خطرية فتبطل.
وإن كان الدليل هو النهي عن بيع ما ليس عنده فلا يحكم بفساد المعاملة، لعدم شموله لما نحن فيه، فإنه ليس من بيع ما ليس عنده بل هو مسلط على التسليم وقادر عليه، غاية الأمر غير ملتفت بذلك.
وأما إذا كانا في الظاهر عالمين بالقدرة، وكانا في الواقع غير قادرين أو أحدهما قادر والآخر غير قادر، فالظاهر فساد المعاملة على كلا الدليلين، فإنه إن كان الدليل هو نفي الغرر فلا شبهة في كون المعاملة غررية.