العلم الاجمالي بكون أحد المعنيين مرادا من النبوي لا يوجب الفساد من جهة تنجيز العلم، إذ لا وجه لكونه موجبا للتنجيز، فإن الخديعة محرمة جزما من الخارج مع قطع النظر عن إرادة الخديعة من النبوي، نظير الغش والتدليس، كما تقدم في المكاسب المحرمة.
ثم إنه بناء على إرادة الخطر من الغرر كما استدل المشهور من الفريقين، فلا يفرق فيه بينما كان الجهل متعلقا بالحصول أم بالصفات من حيث الكيفية أم من حيث الكيفية، فإن الجهل بكل منها يوجب الخطر فيكون البيع فاسدا، وأما الجهل بأصل الوجود فهو خارج عن المقام وإنما هو من صغريات بيع ما لا يملك.
ودعوى اختصاص الغرر بصورة الجهل بالصفات لا وجه لها، فإن الجهل بالحصول أعظم غررا من الجهل بالصفات، بل من هذا ما ذكره المشهور من الأمثلة من بيع السمك في الماء والطير في الهواء، فكان صورة الجهل بالحصول مما تسالم عليه الكل بكونه موجبا للغرر.
كما لا وجه لدعوى اختصاصه بالجهل بالصفات لكونه معنى شرعيا للغرر، وذلك لعدم ثبوت الحقيقة الشرعية في ذلك.
ثم ذكر المصنف: وكيف كان فلا اشكال في صحة التمسك لاعتبار القدرة على التسليم بالنبوي المذكور، إلا أنه أخص من المدعى، لأن ما يمتنع تسليمه عادة كالغريق في بحر يمتنع خروجه منه عادة ونحوه ليس في بيعه خطر، لأن الخطر إنما يطلق في مقام يحتمل السلامة ولو ضعيفا، لكن هذا الفرد يكفي من الاستدلال على بطلانه بلزوم السفاهة وكون أكل الثمن في مقابله أكلا للمال بالباطل.
وفيه أنه تقدم غير مرة أنه لا دليل على بطلان البيع السفهي وإنما الدليل على بطلان بيع السفيه، وأنه تقدم مرارا أيضا أن آية حرمة أكل المال بالباطل ناظرة إلى الأسباب وأجنبية عن شرائط العوضين.