6 - ربما يقال بجواز بيع الوقف في تلك الصور لأجل المزاحمة وإن لم يكن في البين نص، بدعوى أن الأمر دائر بين حفظ الوقف على حاله والالتزام بجواز تلف الأموال والأنفس وبين حفظ المال والنفس والالتزام بجواز بيع الوقف، وبما أن حفظ النفس عن التلف أهم من حفظ الوقف فيجوز بيعه بل يجب لحفظ النفس والمال.
وفيه أن هذا من العجائب، فإن التزاحم إنما هو في مقام العمل وعدم تمكن المكلف على الامتثال لا في مقام الجعل، وعليه فارتفاع التكليف عن المكلف بالنسبة إلى المهم واضح، بأن يجوز بيع الوقف إذا دار الأمر بين بيعه وبين أداء الاختلاف إلى تلف الأموال والأنفس و لكنه لا يوجب ذلك جعل الشارع الحكم الوضعي في مرحلة الجعل، بأن يحكم بصحة المعاملة، فإن التزاحم لا يوجب رفع الحكم ووضعه في مرحلة الجعل.
وبعبارة أخرى أن التزاحم يستلزم رفع الحكم التكليفي في مقام الامتثال عن المهم ويوجب اتيان الأهم، وهذا غير مربوط بالحكم الوضعي وحكم الشارع به في مقام الجعل ليكون صحيحا في مقام الامتثال، بل يكون البيع مع التزاحم المذكور جائزا تكليفا وفاسدا وضعا، فمزاحمة الأهم مع المهم في مرحلة الامتثال لا يوجب إلا جواز الاقدام على المهم تكليفا ويستلزم جوازه وضعا، إذ عدم القدرة على الامتثال من المكلف إنما هي بالنسبة إلى الحكم التكليفي لا بالنسبة إلى الحكم الوضعي كما لا يخفى.
فتحصل أنه لا يجوز بيع الوقف في جميع تلك الصور إلا إذا خرب الوقف أو كان مشرفا على الخراب بحيث ليس بين الخراب والزمان الذي معمورة إلا زمان قليل، وكذلك في صورة اشتراط الواقف بيعه عند الاحتياج كما صنعه علي (عليه السلام).