وبالجملة الأدلة المانعة عن بيع الوقف وما يؤيده كلها غير جارية هنا، وإذن فلا بأس من البيع في هذه الصورة.
2 - ذكر شيخنا الأستاذ (1) أن هذه الصورة ملحقة بالصورة الأولى، وهي خراب الوقف بحيث لا يمكن الانتفاع به، فإن العلم بتأديته إلى الخراب أو الظن به المعبر عنه بخوف الخراب إنما هو من حيث طريقيته إليه، وبعبارة أخرى إذا احتمل احتمالا عقلائيا تأديته إلى الخراب على نحو لو كان فعلا خرابا لجاز بيعه فحكم الاحتمال حكم نفس الخراب، ولكن من حيث كونه طريقا، لأن بعد اعتبار هذا الاحتمال عند العقلاء فكأنه صار خرابا فعلا.
ولكن الوجهان لا يتمان:
أما ما أفاده شيخنا الأستاذ، فلأن الأدلة المانعة عن بيع الوقف كقوله (عليه السلام): لا يجوز بيع الوقف ولا تدخل الغلة في ملكك، لا قصور في شمولها للمقام، فإن الانتفاع بالعين الموقوفة ممكن بالفعل، ولا يكون العلم بخرابها بعد سنة مثلا مجوز لبيعها فعلا، فضلا عن الظن بذلك أو الأمارات المعتبرة، كما إذا قامت البينة على أنها تخرب بعد ستة أشهر، وفضلا عن احتمال الخراب.
وبعبارة أخرى أنه لا يجوز بيع الوقف للوجوه المذكورة على ذلك، و إنما الخارج عنها ما يحرز خرابه بالفعل، وأما في غيره فلا وجه لجواز البيع بوجه بل يبقى تحت أدلة المنع.
وبالجملة بعد ما كان الوقف مما يمكن الانتفاع به فلا وجه لبيعه لشمول أدلة المنع عليه، وإن علم أو قامت البينة المعتبرة على خرابها فضلا عن احتمال الخراب، فإن الحكم تابع لموضوعه الفعلي كما لا يخفى.