جعل ماله وقفا على الموقوف عليهم مؤبدا بحيث يحبس أصله ويسبل ثمرته، وما لا نفع فيه إلا باعدامه فلا يكون قابلا للبدلية، نعم لو قصد به التزين فلا بأس من جعله بدلا ولكنه أمر نادر الوجود.
ويرد عليه أمران:
ألف - إن الوقف وإن كان مؤبدا ولكن يجوز تبديلها بالنقود وإن لم ينتفع بها إلا باعدام موضوعها، وذلك من جهة أن غرض الواقف إنما هو بقاء الأصل وتحبيسه وتسبيل الثمرة، ومن المعلوم أن هذا لا يكون إلا بالبيع، فإن كثيرا من الأعيان الموقوفة ليست قابلة للبقاء، فلا بد من التبديل وتبديل عين الوقف بعين أخرى لا يوجد إلا قليلا، فإنه قلما يوجد من يرغب أن يبدل الدار مثلا بالدكان، فانتظار ذلك ربما ينجر إلى خراب الوقف وفنائه، فلا بد حينئذ من بيعه بالنقدين لكونه هو الكثير، فإذا بيع بها فيشتري بها ما يكون صالحا للبقاء.
وعليه فالنقود ليست بموقوفة بل في طريقة الوقف وصراطه، بحيث يسار إلى الوقف وجعله مؤبدا بالنقود، وإلا فلا يمكن تبديله عادة فإن المعاوضة والمبايعة لا يكون عادة إلا بالنقود.
ب - إن الوقف على قسمين:
الأول: أن يكون وقفا بشخصه لتعلق انشاء الواقف به بالخصوص بحيث يكون وقفا بخصوصياته الشخصية، فلا يجوز التصرف فيه بوجه حتى الموقوف عليهم، لكون مالكيتهم عليها قاصرة إلا إذا عرضه ما يجوز بيعه فيجوز بيعه، فليس لهم إلا الانتفاع بها.
الثاني: ما يكون وقفا لكونه متعلقا لإنشاء الواقف بحسب ماليته، بمعنى أنه حيث كان غرض الواقف دوام الوقف وأنه لم يكن حبسا ليكون مؤجلا ولم تكن العين الشخصية قابلة للدوام فهمنا من ذلك أن غرضه بقاء