للكافر على المسلم في جميع الأزمنة أو في أكثرها، لكون المؤمن في ذل ومشقة دائما، ولا أن المراد منه نفي التملك لثبوت ملكيته عليه كثيرا، كما إذا كان عنده عبد مسلم فلم يلتفت إليه المسلمون ليبيعوه فمات وانتقل إلى وارثه، أو أرادوا بيعه فمات أو لم يقدروا على بيعه فمات وانتقل إلى وارثه.
فإن في جميع هذه الصور تملك الكافر للمسلم، بل تسالم الفقهاء على جواز بيع المسلم من الكافر إذا كان ممن ينعتق عليه، فيتجلى من ذلك كله أن الآية أجنبية عن هذه الأمور، وإلا لزم القول بالتخصيص، فقد قلنا إن الآية آبية عن التخصيص.
إذن فلا بد وأن يراد من الآية معنى لا يقبل التخصيص، ولو بقرينة ما قبلها، وهو قوله تعالى: فالله يحكم بينكم (1)، ومن الواضح أن الحكومة الإلهية بين العباد مختص بالآخرة، فتكون الآية راجعة إليها، إذ فيها ليس للكافر على المسلم سبيل بوجه، فإن الله يحكم بينهم دون غيره، فلا ظلم في حكمه تعالى.
وبالجملة مقتضى ظهور نفس الآية ومقتضى سياقها وصدرها اختصاصها بالآخرة، فلا يشمل السبيل الدنيوي فضلا عن شموله على التملك.
هذا حاصل ما ذكره المصنف مع التوضيح والإضافة منا، فلا مناص عنها بوجه.
ثم ناقش ثانيا بأنه لو أغمضنا النظر عما ذكرناه وقلنا بشمولها بالسبيل الدنيوي وتملك الكافر المسلم، فلا يساعده ما ورد في تفسيرها من إرادة الحجة عن السبيل، وأن الاسلام لعلو شأنه ورفعة مقامه ومكانة حقانيته