وأما لفظ الأحسن في الآية يحتمل أن يراد به ظاهره من التفضيل، ويحتمل أن يراد منه الحسن، نظير قوله تعالى: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض (1).
وعلى الأول فيمكن أن يؤخذ التفضيل المطلق، أي لا يجوز التصرف في مال اليتيم إلا بوجه يكون أصلح من غيره من التصرفات، أو يكون المراد به الأفضلية على الترك، أي قربا يكون أحسن من تركه، وعلى الثاني فيمكن أن يراد بالأحسن ما يكون فيه صلاح، فلا يجوز التصرف إذا لم يكن فيه صلاح، ويمكن أن يراد به ما لا مفسدة فيه وإن لم يكن فيه صلاح أيضا.
ثم اختار من احتمالات القرب الاحتمال الثالث، ومن احتمالات الأحسن الاحتمال الأول، أي ما يكون بمعنى التفضيل المطلق.
وعليه فإذا كان بيع مال الصغير أصلح فبعناه بعشرة دراهم ثم فرضنا أنه لا يتفاوت ابقاء الدراهم لليتيم أو تبديله بالدينار، فأراد الولي أن يجعله دينارا فلا يجوز بعد كونه أصلح من تركه بل هما سيان، وإن كان يجوز ذلك من الأول إذا كانت المصلحة في الابتداء في تبديل المال بالنقد، من غير فرق في تبديله بالدينار أو الدرهم.
وأما لو جعلنا الحسن بمعنى لا مفسدة فيه فيجوز ذلك، كما يجوز لو أخذ بالاحتمال الرابع للقرب، إذ كما أن الولي مخير في الأول بين جعله دينارا أو درهما فكذلك له التخيير بقاء، إذ ليس لأحد الفردين مزية على الآخر، لا في الابتداء ولا في الاستدامة، فيكون القدر المشترك بينهما هو الحسن، فيكون مخيرا ابتداء واستدامة.
ثم قال: إن الانصاف هو مرجوحية المعنى الرابع في نظر العرف، ثم