بالتصرف إلا بإذنه، إذ قد ثبت بالأدلة القاطعة عدم جواز التصرف في أموال الناس وأنفسهم وأعراضهم بلا إذن ورضاية من المالك للتصرف، وإذا شككنا في اعتبار إذن الإمام عليه أو الفقيه في صحة شئ لا في وجوبه كصلاة الميت، إذ هو واجب لكل مكلف، فلا نشك أن يكون إذن الفقيه من شرائط الوجوب، فندفع ذلك بالاطلاق إن كان هنا اطلاق، وبأصالة البراءة لو لم يكن في البين اطلاق، فتثبت نتيجة الاطلاق.
وإن كان وجوب شئ كصلاة الجمعة مثلا مشروطا بإذن الفقيه كما ذهب بعض إلى ذلك وأن صلاة الجمعة لا تكون واجبة عينية إلا بإذن الفقيه، وشككنا في ذلك فمع عدم الدليل ندفع وجوب ذلك بالأصل، بل لا يجب الاستيذان أيضا، لأن تحصيل شرط الواجب ليس من الواجبات وإنما الواجب هو اتيان الواجب بعد تحقق موضوعه وشرائطه بأجمعها.
وإن كان الشك في جواز التصرف بدون إذن الفقيه من غير أن يكون هنا احتمال الوجوب، كالتصرف في الأوقاف العامة فلا يجوز التصرف فيه، ولا يشرع إلا بإذن الفقيه، إذ من المسلم الضروري أنه لا يجوز التصرف في مال الغير بدون إذنه، ففي مثل الأوقاف دار الأمر بين جواز التصرف مطلقا وبدون إذن أحد في ذلك وبين جواز بإذن الفقيه، فلا شبهة أن المتيقن هو صورة الإذن من الفقيه، فيكفي في عدم جواز غير هذه الصورة مجرد الشك في الجواز، إذ المورد مورد التصرف في الأموال.
ومن هذا القبيل اشتراط إذن الفقيه في صرف مال الإمام (عليه السلام) في موارده، إذ من الضروري بطلان احتمال دفن ذلك مع وجود المستحقين والموارد المحتاجة إليه، خصوصا في مثل القراطيس، وكذلك القائه في البحر، فإن ذلك ليس إلا مثل الاحراق والاتلاف، وكذلك الايصاء إلى أن يصل إلى الإمام (عليه السلام)، فإنه بعد تبدل يد أو يدين يكون تالفا، مثل الالقاء