العهدات العديدة معناه لزوم خروج كل منهم عن العهدة عند تلفها، وحيث إن المضمون ليس إلا شيئا واحدا فمعنى تسلط المالك إلى رجوع كل منهم ليس إلا تسلط رجوعه إلى واحد منهم على البدل، فمن أي منهم استوفي البدل لسقط حقه عن الغير وتسلط الرجوع إلى الآخر.
وهذا نظير الواجب الكفائي في الأحكام التكليفية، فكما أن في الواجب الكفائي أن التكليف متوجه إلى الكل بحيث لو تركوا لعوقبوا جميعا ولو أتى الواحد سقط عن الجميع.
وهكذا في المقام أن الضامن للعين جميع من ثبتت يديهم بها بحيث لو لم يعط واحدا لطولب وعوقب الجميع ولو أدى واحد لسقط عن الباقين، فللمالك أن يرجع إلى أي منهم على البدل وبعد أخذه ماله ممن رجع إليه فهو يرجع إلى اللاحق وهو إلى لاحقه، وهكذا إلى أن ينتهي إلى المتأخر الذي تلف المال عنده.
وهذا الوجه ينطبق على مسلك الجمهور (1)، حيث إنهم ذهبوا إلى أن الضمان من ذمة إلى ذمة أخرى لا من ذمم كما عند الإمامية ليكون المال منتقلا إلى ذمة الضامن، فإن الجمهور التزموا في باب الضمان على ذلك وأن من يكون ضامنا عن شخص فيضم ذمته إلى ذمة شخص المضمون عليه فيصير الضامن اثنان وهكذا بحيث مع تعدد الضامنين يتعدد الذمم للضمان ويضمن كلهم العين في عرض واحد على البدل، نظير الواجب الكفائي.
وأنا وإن أنكرنا ذلك عليهم في باب الضمان، ولكنه من جهة عدم الدليل، فحيث اقتضى الدليل في المقام الالتزام بذلك فلا مانع من الالتزام به.