الضرر غير ناظر إلى ذلك، بل بالحمل الشائع يجعل عدم الضرر في الشرع، فهو ناظر إلى المجعول والمرتبة المتأخرة عن الجعل، فلا بد من تقديم الأول عليه، كما هو الشأن في تقديم دليل الحرج على أدلة الأحكام.
والحاصل: أن الدليل المتكفل ببيان المرتبة المتقدمة على الجعل، - كالإرادة في ﴿يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر﴾ (١)، ونفس الجعل ك ﴿ما جعل عليكم في الدين من حرج﴾ (2)، والمرتبة المتأخرة عنه كحديث لا تعاد (3) - مقدم على دليل بيان الحكم وحاكم عليه، لأن العقلاء لا يرون المعارضة بينهما، بخلاف ما إذا كان كلاهما متكفلا ببيان الحكم، ك أكرم كل عالم، ولا تكرم الفساق من العلماء، أو مطلقا، ولكن العقلاء لا يرون تقدم دليل الحرج على الضرر في المقام، ويرون الفرق بين المقام وسائر أدلة الأحكام في حكومة دليل الحرج عليه، ولعل السر في ذلك الادعاء المذكور، أو أن دليل الضرر أيضا ناظر إلى الجعل، وكيف كان لا يمكن الحكم بتقديم أحدهما على الآخر؟!
هذا على مبنى القوم من تحكيم دليل الضرر على أدلة الأحكام (4).
وأما على مسلكنا (5) فيؤخذ بدليل الحرج بلا معارض.
وتوهم: أن دليل الحرج امتناني، فلا يشمل مورد عدم الامتنان على الغير (6).