وأما على ما ذكرنا: من أن الاكراه هو حمل الغير على شئ قهرا وإلزاما، سواء كرهه أم لا، والرضا والطيب المعاملي ليسا بمعنى الابتهاج، بل هما في مقابل الاكراه والاعتبار بعدم وقوع المعاملة عن قهر قاهر وإلزام ملزم (1)، فلا يظهر فرق بين المعاملات والمحرمات في ذلك، فإن مفهوم الاكراه أمر واحد، فلو كان صادقا مع إمكان التفصي يصدق في الموردين، وإلا فلا يصدق فيهما، مضافا إلى أن الاكراه المساوق للاضطرار بنفسه، كاف في رفع الحكم بلا حاجة إلى رفعه بالاضطرار، بل لا تصل النوبة إليه، لتقدم الاكراه عليه تقدم الفعل على الانفعال، كما أن الاضطرار في المعاملة لا يوجب رفع الحكم، وإلا لكان اللازم منه وقوع المضطر إلى المعاملة في الاضطرار.
والحاصل: أن الاكراه موجب لرفع الحكم في الوضعيات والتكليفيات، بلا فرق بين الموردين في اعتبار عدم إمكان التفصي عرفا في صدقه، سواء وصل إلى حد الاضطرار والالجاء أم لا، والاضطرار بنفسه لا يوجب رفع الوضع، ولا رفع التكليف في مورد حصوله بسبب الاكراه.
فما ذكره الشيخ: من أن الاكراه الرافع لأثر الحكم التكليفي، أخص من الرافع لأثر الحكم الوضعي مفهوما، والنسبة بينهما موردا عموم وخصوص من وجه (2)، لا يتم فإن الرافع للوضع والتكليف هو الاكراه، وهو مفهوم واحد، وصدقه في الموردين على حد سواء. نعم، يحصل منه الاضطرار في بعض الموارد، وتقدم حكم ذلك.
في دائرة دليل الاكراه ونظائره هذا، وينبغي هنا التنبه على أمر: وهو أن دليل الاكراه وغيره من الحواكم