الثاني، لا أخذ الاعطاء الأول فقط.
في توقف القبول في المعاطاة على الاعطاء الثاني وقد يتخيل: أن الاعطاء الثاني لا بد منه في القبول، ويستدل عليه بوجهين:
عقلائي وعقلي.
أما الأول - أي العقلائي -: فإن القبول متأخر عن الايجاب عند العقلاء، والأخذ مقوم للاعطاء، بحيث لو لم يوجد الأخذ لم يصدق الاعطاء، فلو كان الاعطاء الأول إيجابا للبيع في المعاطاة فلا بد من تأخير القبول عن الأخذ فيه، لما ذكرنا من تأخر القبول عن الايجاب، والأخذ مقوم للاعطاء الذي هو الايجاب.
والجواب عنه: أن هذا مناف لما نراه في العرف من جريان المعاطاة سلفا ونسيئة بينهم، واكتفائهم في الايجاب بالاعطاء مجردا عن الأخذ، وفي القبول بأخذ ذلك قاصدا به القبول.
وأما الثاني - أي العقلي -: بأن الأخذ مقوم للاعطاء، والمفروض أن الاعطاء هو الايجاب، فلا يعقل أن يكون الأخذ قبولا له (1).
والجواب عنه:
أولا: لا دليل على لزوم تأخير القبول عن الايجاب إذا لم يكن بلفظ القبول.
وثانيا: أن الاعطاء - كسائر المعاني الحدثية المصدرية - قد يلاحظ بالنسبة إلى الفاعل، وأخرى بالنسبة إلى المفعول، وثالثة لا يلاحظ إلا نفسه، فعلى الأول إعطاء، وعلى الثاني أخذ، وعلى الثالث عطاء بالمعنى الاسم المصدري، فكلها متحدة ذاتا والتغاير بالاعتبار. والايجاب إنما هو الاعطاء بالاعتبار الأول، وقبوله الأخذ، أي الفعل بالاعتبار الثاني، والثاني مترتب على الأول رتبة وإن لم يترتب