الدليل على فقد النسبة في القضايا الحملية الحقيقية والدليل على ما ادعينا - من أن القضايا الحملية الحقيقية فاقدة للنسبة -: أن طرفيها متحدان في الخارج بالضرورة، بل الحمل حقيقة عبارة عن الهوهوية والاتحاد، والنسبة لا يعقل قيامها إلا بالمنتسبين، فمع فرض الاتحاد خارجا والحكم بالهوهوية، كيف يعقل وجود النسبة خارجا؟! بل ليس في الخارج إلا شئ واحد منتزع منه عنوانان: أحدهما موضوع، والآخر محمول، والحمل في طرف المباينة من النسبة، لما ذكرنا: من أن النسبة قائمة بالمنتسبين، والحمل عبارة عن الهوهوية، فالقول بوجود النسبة في القضايا الحملية خارجا خلف ومناقضة، ولذلك ترى أنه في أمثال هذا التركيب من القضايا زيد زيد، الوجود موجود، الله - جل جلاله - موجود أو عالم، زيد موجود، لا يعقل وجود النسبة بين عقديها في الخارج، فإن الالتزام به موجب للالتزام بمغايرة الشئ ونفسه، والالتزام بأصالة الماهية، والالتزام بزيادة الصفات عن البارئ، والشرك تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فليكن الأمر في الهليات المركبة - مثل زيد قائم - كذلك أيضا بعين البيان.
هذا بحسب الخارج، وأما المعقولة والملفوظة فهما حاكيتان عن الخارج، فوجود النسبة فيهما دون الخارج مستلزم لعدم تطابق الحاكي والمحكي، وهذا كبطلانه ظاهر.
وبعبارة أخرى: إن الحاجة إلى تفهيم الواقعيات وتفهمها اقتضت وضع الألفاظ لمداليلها، فلا بد من ملاحظة الواقع وما هو المتكلم بصدد بيانه، ففي مثل القيام لزيد الواقع هو الربط بين العرض والجوهر القائم به، فهنا عارض ومعروض وعروض كل منها مدلول لدال لفظي، وحيث إن هذا المقدار غير كاف للدلالة على تصديق المتكلم بالربط، ولذلك ترى عدم دلالة موضوع هذه الجملة القيام لزيد