وثانيا: لو سلمنا أن المراد بالإباحة في المعاطاة التسليط المالكي، لكنه أي دليل دل على أنه لا يمكن أن يكون الإنسان مسلطا على ما في ذمته، أترى أن ولي الصغير إذا كان مديونا له، وكانت ذمته مملوكة للصغيرة، أنه غير مسلط على ما في ذمته، من نقله أو تبديله وغير ذلك من أنحاء التصرفات الاعتبارية، أو لو كان المديون وكيلا من قبل الدائن لبيع ذمته، أو تصرف آخر غير البيع فيها، أنه غير مسلط عليها؟! بل لم يقم دليل على عدم جواز تملك الإنسان لما في ذمته، وإن قيل:
إنه لا قيمة للذمة بنفسها، بل مدار المالية هو الخارج، وقد تقدم منا تصوير المالية للذمة، واعتبارها لها نظير اعتبار المالية للنقود، وعلى أي حال ولو قلنا بأن الإنسان لا يملك ما في ذمته، وقهرا لا يتسلط على هذا الذي لا يملك، فإن السلطنة فرع الملكية، إلا أن سلطنته على ما في ذمته المملوكة للغير كالمثالين المتقدمين ومحل بحثنا، فلا دليل على امتناعه.
ثم إنه بعد فرض وقوع المعاطاة في محل بحثنا وتحقق الإباحة، فهل هي لازمة أو جائزة؟ فعلى القول بالسقوط يثبت اللزوم بالجمع بين إطلاق دليله والقدر المتيقن من الاجماع بالتقريب المتقدم، وأما على القول بعدم السقوط فلا بد من ملاحظة حد الاجماع، وأنه هل يعم المعاطاة الواقعة على الثابت في الذمة أو لا؟
فعلى الأول يثبت الجواز، وعلى الثاني اللزوم على ما مر من التقريبات.
في كون النقل كالتلف ثم ذكر الشيخ (رحمه الله): ولو نقل العينان أو إحداهما بعقد لازم فهو كالتلف (1). قد ظهر مما مر أن مقتضى الجمع بين المتيقن من الاجماع وإطلاقات أدلة اللزوم هو الحكم