أحكام ذلك، بحيث تدل الأمارة المتأخرة - أو القائمة عند مجتهد آخر غير من قامت عنده الأولى - على فساد ما قامت عليه الأمارة المتقدمة أو الأصل والقائمة عند المجتهد الأول، لا أن يكون مفادها عدم صدق العنوان على ذلك، فلو دلت على عدم الصدق لكان اللازم الحكم بعدم الاجزاء، فإن الأصل أو الأمارة الأولى أو القائمة عند المجتهد الأول، لا يثبتان العنوان حتى يكون موضوعا للأدلة الدالة على لزوم ترتيب الآثار على ذلك العنوان، فلو قامت الأمارة المتقدمة أو الأصل على عدم لزوم القبول في العقد مثلا، وأجرى المجتهد العقد بلا قبول، ثم تبدل رأيه، ورأي باجتهاده الثاني اشتراط القبول في حقيقة العقد، وأن ما أوقعه ليس بعقد، فلا يمكن الحكم بصحة ذلك ولزوم ترتيب الأثر عليه، فإن الاجتهاد الثاني دال على عدم صدق عنوان العقد على ذلك، فلا يمكن للمجتهد تصحيحه بمثل ﴿أوفوا بالعقود﴾ (1).
وهكذا الكلام في العبادات، وفي حكم المجتهدين إذا رأى أحدهما عدم صدق العنوان على الواقع بينه وبين الآخر، وإن كان فعل كل منهما صحيحا بنظر مباشره.
الاجزاء مع موافقة الواقع طبقا لكلا الاجتهادين وأيضا لا بد في المقام في الحكم بالصحة، ومن كون الواقع على وفق كل من الاجتهادين صحيحا موافقا لنظر المجتهد الموقع، وإن حكم بفساد فعل الآخر، فمع سراية فساد فعل الآخر في ما فعله هذا المجتهد لا يمكن الحكم بذلك، كما إذا رأى لزوم الترتيب بين الايجاب والقبول - مثلا - وأنشأ الآخر القبول أولا، لا يمكن لهذا المجتهد الحكم بصحة العقد بإيجابه المتأخر، فإنه يرى أن إيجابه وقع بلا قبول، فيسري فساد القبول في إيجابه.