وأما الاحتمال الأول فبعيد، ومخالف لظهور الكلام وفهم العقلاء من ملاحظة الرواية.
الثاني: أن يقال: إن مفهوم العقد لم يرد قطعا، بل هو عنوان كنائي عن القول والقرار، ووجوب الوفاء بذلك ليس إلا الثبات عليه وعدم نقضه، فبالمطابقة يكون معنى الرواية لزوم العقد.
إشكال ودفع وهنا إشكال: وهو أن متعلق الأوامر لا بد وأن يكون مقدورا للمكلف، ففي المقام الأمر بالثبات على العقد لا يمكن إلا مع كون العقد جائزا، وإلا فالأمر بالثبات على ما هو ثابت في نفسه ولا يمكن نقضه، من التكليف بغير المقدور (1).
ولكن هذا يتم فيما إذا كان الأمر أمرا مولويا شرعيا، وأما لو كان أمرا إرشاديا إلى اللزوم، كقوله: لا تفسخ فإن الفسخ لا يؤثر، فلا يتم، نظير لا تصل في وبر ما لا يؤكل لحمه (2)، فإنه إرشاد إلى فساد الصلاة في ذلك، لا حرمتها حتى يقال: إن النهي فرع الصحة، وإلا تعلق التكليف بغير المقدور (3)، فيدور الأمر بين أن يكون الأمر بالوفاء مولويا أو إرشاديا إلى عدم تأثير الفسخ، والاحتمال الثاني أقرب بنظر العقلاء، فإنه لا يحتمل أن يكون الفسخ من المحرمات الشرعية.
إن قلت: إن احتمال حرمة الفسخ شرعا وكون الأمر مولويا وإن كان ساقطا، إلا أن هنا احتمالا آخر: وهو أنه جعل في الآية الكريمة وجوب الوفاء بالعقد