رفع الآثار الظاهرة، أو جميع الآثار، لو لم يكن في البين حكم ظاهر كما في المقام، فيكون معنى النبوي أن ما لا يعلمون بالنظر إلى الآثار منزل منزلة عدم اعتبار ذلك واقعا، فمعنى رفع الجزئية المشكوكة ترتيب آثار عدم الجزئية واقعا، فكأنها لم تكن مجعولة واقعا، فيكون فاقد الجزء صحيحا واقعا، فإنه لا جزئية فيه بحكم الشارع وتعبدا، وإن كانت مجعولة بحسب الواقع المجعول قانونا، فهذا تعميم في الواقع بحكم الشارع، ويستكشف منه أن مطلوب الشارع أعم من الواقع والظاهر، بل لا يتصور فيه كشف الخلاف أبدا، فلا بد من القول بالاجزاء في ذلك.
وأما في الأمارات فلا يمكن الالتزام به، فإن اعتبارها ليس إلا بلحاظ مجرد الكشف عن الواقع وطريقيته إليه، قلنا بالتأسيس أو الامضاء. فعلى ذلك يتصور فيه انكشاف الخلاف، ومعه لا يمكن الحكم بالاجزاء.
وبعبارة أخرى: لا يستفاد من دليل اعتبار الأمارة، أزيد من معذورية المكلف لو عمل على وفقها في صورة مخالفة الواقع، وأما اكتفاء الشارع بالمأتي به عن الواقع فلا يستفاد من ذلك.
كلام للسيد في ترتيب آثار الصحة على اجتهاد المجتهد ومناقشته ذكر السيد (رحمه الله) في المقام: أنه لا بد من ترتيب آثار الصحة على اجتهاد المجتهد، وإن كان اجتهاد من يريد ترتيب الآثار على مخالفته للواقع، أو انكشف الخلاف بالاجتهاد عند نفسه بعد ذلك، لأن دليل حجية ظن المجتهد متساوي النسبة إلى الظنين، وحجية واحد منهما لا تهدم حجية الآخر. نعم لو علم المجتهد بخطأ الآخر، أو علم بخطأ اجتهاده سابقا، لم يجز له ترتيب الأثر، لأن هذا لازم القول بالتخطئة (1).