وأما المقدمات العلمية فقد تقدم الكلام فيها (1). ولعل الوجه في ما ذكره ما مر من أن الدليل الامتناني لا يشمل مورد عدم الامتنان بالنسبة إلى الغير، وقد عرفت ما فيه (2)، وأن الامتنان في جعل القانون لا يلازم الامتنان بالنسبة إلى الأشخاص والأفراد المنطبق عليها القانون.
أضف إلى ذلك أنه لا دليل على أن يكون الامتنان في الدليل الامتناني علة للحكم، بل لعله علة للجعل ونكتة للتشريع، وعليه فنفس تعلق النفي بطبيعة الضرر يدل على أن مطلق الضرر منتف، ولا بد في رفع اليد عنه من حجة محرزة ولا حجة في المقام.
وبعبارة أخرى: أنه لو أحرزنا علية الامتنان للحكم - بحيث يدور مداره - نرفع اليد عن لا ضرر في مورد عدم الامتنان، وأما مع الشك فلا بد من الأخذ بما يفهم العرف من الدليل، والعرف بملاحظة هذه العبارة يساعد على الاطلاق، وأن طبيعة الضرر منتفية، ومرجع الشك إلى الشك في الانصراف، والمرجع فيه الاطلاق بنظر العرف (3).
ولو سلمنا العلية للحكم، وأغمضنا النظر عما مر - من عدم الملازمة بين الامتنان في جعل القانون والامتنان في الموارد الشخصية - فغاية ما تدل عليه قضية الامتنان: أنه لا بد في التمسك بدليل الضرر من كون نفي الضرر امتنانا على الشخص الموضوع له، وأما لزوم الامتنان على الغير، أو عدم لزوم خلاف الامتنان بالنسبة إلى الغير، فأجنبي عن مفاده، وهكذا في جميع الأدلة الامتنانية، فرفع الاضطرار امتنان