في الفرق بين بابي الأوامر والاكراه في المقام هذا في باب الأوامر.
وأما في باب الاكراه، فهنا فرق بين البابين: وهو أنه لو أمر المولى بالطبيعة، وأوجد المكلف الفرد الأهم - أو أفراد متعددة - لصدقت الطبيعة على المأتي به، ويسقط أمر المولى، ولا بحث.
وأما لو أكره المكره على الطبيعة المحرمة، وتمكن العبد من الاتيان بالفرد غير الأهم ليس له الاتيان بالأهم، لا لعدم صدق الطبيعة على ذلك، أو عدم الاكراه على الطبيعة، بل لأن العقل لا يعذر المتمكن من ترك الأفسد بالفاسد، ومع ذلك ارتكب الأفسد، ودليل الاكراه لا يشمل مثل ذلك. هذا في المحرمات.
وأما في المعاملات فلا فرق بين الفردين في صدق الاكراه، فلو أكرهه على بيع، وتمكن من بيع كتابه، ومع ذلك باع داره مستندا إلى إكراه المكره، شمله الدليل، فإنه لا معنى للتعذير العقلي وعدمه في الوضعيات.
وهكذا الأمر على وجه التخيير، والاكراه على وجه التخيير، لعين ما ذكر، فلو أكرهه على شرب مائع متنجس أو شرب الخمر ليس له شرب الخمر، فإن العقل لا يعذر مثل هذا الشخص، بخلاف ما لو أكرهه على بيع كتابه أو داره فإنه يصدق الاكراه على الفعلين. نعم، قد مر: أن الاكراه على الطبيعة لا يكون إكراها على الشخص، فلا يرفع الأثر المترتب على الخصوصية، إلا مع الاضطرار إليها ولو بسبب الاكراه على الطبيعة.
ولو أكرهه على الطبيعة أو أحد الفردين أو الأفراد على نحو الوجوب التخييري، وأوجد المكلف فردين أو أزيد بإيجاد واحد، فالأمر في المحرمات ظاهر، لعدم الاكراه بالنسبة إلى الزائد عن الواحد.