فعلى هذا يمكن أن يقال: إن أداء القيمة في القيميات التي لا يوجد لها مماثل أبدا، ليس من جهة أنها مضمونة بالقيمة، بل إنما هو من جهة تعذر ما هو قائم مقام العين كذلك، وهو المثل، فالقيميات أيضا مضمونة بالمثل كالمثليات، فلا بد من أدائه عند التمكن، ومع عدمه تصل النوبة إلى أداء القيمة من جهة تعذر المثل، وقد مر تفصيل الكلام فيه.
وبالجملة: جبر القيميات بالقيمة عند العقلاء إرفاق بحال الضامن، لا قهر عليه وعلى المضمون له.
هذا بحسب القواعد وما هو ثابت ببناء العقلاء، واعتبار ذلك بنظر الشارع يثبت من إطلاق أدلة الضمانات، بمعنى جعله الضمان وسكوته عن كيفيته وعدم ردعه عن الثابت عند العقلاء، فمن ذلك يستكشف أن كيفية الضمان شرعا أيضا ذلك، والاطلاق المذكور في كلام الشيخ (رحمه الله) (1)، لعله هذا المعنى أيضا، والله العالم.
في دلالة الأخبار على المقام وأما بحسب الأخبار: فقد وردت عدة من الأخبار في الأبواب المتفرقة، تدل بالاطلاق على أن ضمان جميع الأشياء بالقيمة، نخرج عنها في المثليات بالاجماع، فإن القدر المتيقن منه ذلك، ويبقى الباقي - وهو القيميات بجميع أقسامها - مضمونا بالقيمة، وإليك بعض هذه الأخبار:
منها: موثقة إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن الرجل يرهن الرهن بمائة درهم، وهو يساوي ثلاثمائة درهم فيهلك، أعلى الرجل أن يرد على صاحبه مائتي درهم؟ قال: نعم، لأنه أخذ رهنا فيه فضل وضيعه (2) الحديث.