وأما على ما هو ظاهر كلام الشيخ (رحمه الله) والمنسوب إليه: من أنه لا بد في المعاملة من قصد النقل واقعا بنظر المتعاقدين، فغير معقول حتى في معاملة الأصيل والفضولي لغيره، فإن الموجب وكذا الفضولي لغيره والمكره مع علمهم بعدم النقل واقعا - إلا بعد القبول في الأول، والإجازة في الأخيرين - كيف يعتقدان النقل الواقعي ويقصدانه في الانشاء.
التحقيق في المقام والصحيح أن يقال: إن بيع الفضولي لنفسه على نحوين:
فإنه تارة: يبيع مثل ما هو المتعارف، وهو المبادلة بين المالين، والقصد لنفسه من الأغراض والدواعي الموجبة للبيع، وهو أن يأخذ ثمنه ويتصرف فيه.
وأخرى: يبيع بنحو التقييد.
والظاهر أن محل الكلام بين الأعلام إنما هو النحو الأول لا الثاني، كما لا يخفى، فإنه المتعارف الذي يناسب الاهتمام ببيانه والبحث عنه. فلو أوقع الفضولي المعاملة على النحو الأول، لغرض أخذه الثمن والتصرف فيه بنفسه، فلا يرد عليه الاشكال العقلي، فإن الجد الحاصل في هذه المعاملة، لا ينقص عن معاملة الفضولي لمالكه ومعاملة المكره ومعاملة الأصيل بشئ، وهو الجد بإنشاء المعاملة، وأما ترتب الأثر على المعاملة وعدمه، فأجنبي عن إنشاء المعاملة وما هو المعتبر فيه، فإن الالتزام بصحة معاملة الفضولي لمالكه، اعتراف بعدم إخلال العلم بعدم ترتب الأثر حال المعاملة في حصول الجد بالمعاملة، بل صحة معاملة الأصيل أيضا يستلزم ذلك كما مر.
والحاصل: أن المعتبر في إنشاء المعاملة هو الجد بالانشاء ولو مع العلم بعدم ترتب الأثر عليه فعلا، نظير الجد بالانشاء في العمومات القانونية مع العلم باختصاص الحكم ببعض الأفراد.