بل من جهة ما ذكرنا من التقريب (1)، وأن المعلق عليه في الضمان بنظر العقلاء ليس التلف، لعدم خصوصية فيه بنظرهم في الضمان، بل الحيلولة بين المالك وماله، موجبة للزوم البدل في عهدة الضامن بنظرهم حتى في مورد التلف، فإن التلف من أظهر مصاديق الحيلولة، وبما أنه لا بد من الرجوع في فهم هذه المعاني إلى العقلاء، فيكون مفاد الحديث لزوم البدل في العهدة على تقدير الحيلولة بين المالك، وماله وتعذر وصوله إليه سواء كان التعذر إلى الأبد كالتالف، أو إلى أمد كالمسروق والغارق والضائع والآبق أو غير ذلك.
وقد ظهر بهذا التقريب: أنه لا فرق في صورة التعذر بين حصول اليأس من الوصول إليه أو عدم رجاء وجدانه، وبين ما لو علم أنه سيجده في مدة طويلة أنه يصدق في الحالين عنوان الغرامة والتدارك على أداء البدل.
وأيضا ظهر: أنه لا فرق بين التعذر المسقط للتكليف وغيره، مما يمكن معه الوصول إلى العين بالسعي في مقدماته، لصدق الحيلولة في جميع ذلك، فتشملها الأدلة، ومعها لا تصل النوبة إلى أصالة عدم تسلط المالك على أزيد من إلزامه برد العين، كما ذكرها الشيخ (رحمه الله) وأمر بعده بالتأمل (2). نعم، لا يخفى ثبوت الفرق بين طول المدة وقصرها، بحيث لا يحصل صدق عنوان الغرامة والتدارك على أداء البدل في تلك المدة، لعدم شمول الأدلة لذلك.
في ثبوت القيمة مع تعذر العين ثم ذكر الشيخ (رحمه الله): أن ثبوت القيمة مع تعذر العين، ليس كثبوتها مع تلفها في كون دفعها حقا للضامن، فلا يجوز للمالك الامتناع، بل له أن يمتنع من أخذها،