التحقيق في المقام هذا، ومع ذلك لا يمكن التمسك بالرواية لاثبات ما نحن بصدده، وهو ضمان المقبوض بالعقد الفاسد ولو بالتلف السماوي، فإن المستفاد منها حكم الاتلاف لا التلف، ولذا ليس لتلف المسلم بنفسه أيضا حرمة ولا ضمان، فلا تدل على الضمان بالنسبة إلى تلف ماله بطريق أولى، بل يمكن التمسك بها على عكس المطلوب، فإن أخذ مال القابض عوضا عن المبيع المقبوض بالعقد الفاسد التالف بنفسه أو المتلف بإتلاف غير القابض، مناف لحرمة ماله، فلا يجوز.
نعم، لو كان متلفا بإتلاف نفس القابض لكان الأخذ منه جائزا، فإنه مقتضى حكم العقلاء بضمان المتلف، إلا أن الكلام في غير الاتلاف، كما ذكرنا غير مرة.
فعلى هذا تكون الرواية على خلاف المطلوب - وهو عدم ضمان القابض - أدل، والتوفيق بينها وبين حديث اليد: أن الحديث حاكم عليها، فإنه يثبت الضمان والعهدة، ويترتب على ذلك جواز الأخذ، وهذا موافق ومؤكد لاحترام مال المسلم، لا مناف له، فإن للبائع على القابض مالا لقاعدة اليد، وهو محترم لقاعدة الاحترام، فلا بد للقابض من أدائه، فالحديث في رتبة الموضوع للرواية.
وأما الجملة الأولى: وهي لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه فقد ورد بهذا المضمون في عدة من الروايات، منها ذيل موثقة الشحام (1)، وصدرها مضمون الجملة السابقة، فلو قلنا: بأن الصدر قرينة للذيل، فيكون المراد من عدم الحلية الحرمة بالمعنى السابق، فتكون النتيجة عين ذلك.
ولو أغمضنا عن ذلك، وقلنا: بأن الذيل مستأنف ومستقل، فلا بد من أن نقول: