كتاب البيع - الشيخ محمد حسن قديري - الصفحة ٩٠
ضده (1)، إلا أن يقال: إن الأمر في الملازمات بيد العقل لا العقلاء، فإن العقلاء إذا فهموا من كلام - مثلا - الوجوب وإن لم يفهموا منه وجوب المقدمة، لكن العقل يحكم بوجوبها، وهكذا النهي عن الضد العام، إلا أن الشأن في الاقتضاء، مضافا إلى أن حكم العقل بالاقتضاء لا يختلف بحسب الموارد، حتى يقال: إن الحكم في مورد تكليفي، وفي مورد آخر وضعي (2).
وجه رابع في دلالة الآية على لزوم المعاطاة وجوابه ويمكن توجيه آخر لدلالة الآية على اللزوم: وهو أن وجوب الوفاء بالعقد

1 - مناهج الوصول 2: 16 - 17.
2 - لا يخفى أنه لو كان تقريب الاستدلال على الأعم، متوقفا على اقتضاء الأمر بشئ للنهي عن ضده، ليس هذا من جهة إرادة الأعم، بل من جهة أن الأمر بالثبات على العقد غير مرتبط بالفسخ إلا على الاقتضاء، وهذا يجري في التقريب الثاني من الوجهين المتقدمين أيضا.
والحق: أن إثبات عدم تأثير الفسخ غير متوقف على الاقتضاء، فإن معنى الأمر بالثبات على العقد (پايدارى بعقد) إدامته، وحيث إن الأمر إرشاد إلى أن الإدامة ثابتة لا محالة، ولا مفر منها، فنفهم منه اللزوم وعدم تأثير الفسخ بلا توقف على الاقتضاء.
وعين هذا البيان يجري في إرادة الأعم أيضا، وهو أن الأمر بالوفاء بالعقد بعث إلى التسليم والثبات على العقد، ويفهم عقلائيا أن الأول تكليفي والثاني وضعي، ولا نريد أزيد من ذلك.
هذا، وحيث إن الوفاء بالعقد مطلق عرفا، أي العرف يرى التسليم من الوفاء بالعقد، ويرى الثبات على العقد أيضا من الوفاء به، فنقول: إنه أريد من الآية الكريمة كلا الأمرين معا، فيثبت أن التسليم واجب والثبات على العقد لازم، فلو لزم من التمسك بالآية بعد الفسخ - بناء على إرادة التسليم من الوفاء - التمسك بالعام في الشبهة المصداقية لم يلزم منه بناء على إرادة الثبات على العقد منها، وبناء على الصحيح من إرادة الأعم.
ولا يتوهم: أن الاستعمال في الأعم يستلزم استعمال الوفاء في المعنيين، وهو الثبات على نفس العقد والعمل بمقتضاه، وهو التسليم، فإن الثبات والتسليم غير مستعمل فيهما اللفظ، بل الوفاء قد استعمل في معناه، ومحقق الوفاء هو التسليم والثبات، وهذا معنى إرادة الأعم. خذ واغتنم. المقرر حفظه الله.
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»
الفهرست