مناقشة الشيخ في جوابه الثاني ولنا كلام في إمكان ورود دليل على جواز مثل هذه الإباحة أولا، ثم الوجه في عدم دلالة دليل السلطنة على ذلك.
أما الكلام في الامكان فنقول: إن المبيح إذا كان ملتفتا إلى عدم إمكان وقوع البيع في غير ملك، أو عدم جوازه شرعا أو عقلائيا، كيف يمكنه إنشاء إباحة ذلك التصرف، فإنه إنشاء الأمر المستحيل، فإن المباح له لا يتمكن من البيع لنفسه بوجه، لا بإخراج المال عن ملك صاحبه وتملكه العوض بنفسه، فإنه مناف لمقتضى المعاوضة والمبادلة، ولا بإخراج ذلك عن ملك نفسه، فإن المفروض أن المال ملك المبيح، فكيف يخرجه عن ملك نفسه؟! فإباحة التصرف البيعي من دون تمليك غير ممكن، حتى نبحث عن وجود دليل عليها وعدمه، ولا يعقل إقامة دليل على الجواز، فإن إنشاء الإباحة غير معقول، لاستحالة متعلقها، فلا يعقل إرادتها من المبيح، فكيف يستدل على جوازها بدليل شرعي؟!
وأما وجه عدم دلالة دليل السلطنة فليس ما ذكره الشيخ (رحمه الله): من أن الدليل قد دل على تسلط الناس على أموالهم فيما هو جائز من قبل الشرع، فإنه بعد تقييد موضوعه بذلك لا فائدة فيه أبدا، بل هو يشبه توضيح الواضحات، فإن معنى الجواز هو التسلط على الفعل، فما معنى أن يقال: إن الناس مسلطون على أموالهم فيما هم مسلطون عليه شرعا؟! بل معناه حسب - ما ذكرنا سابقا - أن الناس مسلطون على أموالهم بالتصرف فيها بأي تصرف كان. نعم، لا بد من تخصيص ذلك بغير التصرفات الممنوعة شرعا، ويبقى ما عدا ذلك تحت الدليل.
ولقائل أن يقول: إن الإباحة في المقام من التصرفات، ولم يرد فيها منع شرعي، فتجوز لذلك الدليل.
والوجه في عدم دلالة ذلك: أن إخراج المباح له المال عن ملكه، أو إدخاله