مندفع: بأن الامتنان في الأدلة الامتنانية إنما هو الامتنان على الأمة، لا على الشخص، فلا بد من لحاظ الامتنان في القانون، لا الأشخاص والأفراد، والخلط بين الأمرين أوجب اشتباهات كثيرة في كلماتهم، ولذا بنينا على أن تحمل الحرج والآتيان بالمأمور به لا يسقط الأمر، والقول: بأن الجعل امتناني، وإني لا أريد الامتنان، مخالف للإرادة التشريعية من الله تعالى: (يريد بكم اليسر)، فكيف يمكن خلافه؟! فمعنى حكومة دليل الحرج رفع الحكم الناشئ من جعله الحرج، وفي هذا الرفع امتنان على الأمة، والامتنان عليهم اقتضى هذا الجعل والقانون، لا الامتنان الشخصي في مورد خاص حتى يقال: الدليل الامتناني لا يشمل مورد خلاف الامتنان على الغير، أو الامتنان يقتضي المعذورية، لا عدم المشروعية.
في صور ضمان المثل بأكثر من ثمنه وأما صور المسألة وحكمها، فبناء على أن ازدياد قيمة المثل عن ثمن المثل - من جهة ارتفاع القيمة السوقية سواء حصلت لكثرة الرغبات أو قلة الوجود - فلا بد للقابض من شراء المثل، فإنه مقتضى ضمانة العين، وأما حديث الضرر فغير منطبق على المقام ولو على مبنى القوم، فإن شراء الشئ بثمن مثله ليس ضرريا.
وربما يقال: إن حديث الضرر يشمل الجانبين، فتقع المعارضة بين مفاده في المقام، وأنت خبير بأن إعطاء القابض المثل للمالك، لا يكون ضررا عليه ولو نقصت قيمته بمراحل، بل هو من قبيل عدم النفع، فيمكن أن يصبر المالك حتى تتساوى قيمة المثل مع قيمته يوم تلف العين بلا ضرر عليه. نعم لو كان الصبر حرجا على المالك حكم بلزوم الشراء، كما أنه لو كان الشراء حرجا على القابض حكم بلزوم الصبر، ومع لزوم الحرج في الجانبين يحكم بالتساقط ولزوم الشراء، لاقتضاء الضمان ذلك.