أنه موجود بنظر العقلاء، ومسألة الاستصحاب مسألة عقلائية لا عقلية، والمتبع في وجود المستصحب واتحاد المتيقن والمشكوك نظرهم، لا النظر الدقي الفلسفي، فلا مانع - من هذه الجهة - من جريان استصحاب الكلي.
وما يقال: من أن الكلي موجود، فإنه لا يمكن اجتماع علتين مستقلتين على معلول واحد إلا بتأثيرهما بجامعهما، وهذا كاجتماع البندقيتين في التأثير في القتل الواحد، وكاجتماع الشمعتين في التأثير في إضاءة واحدة، وكاجتماع أفراد ماهية واحدة في انتزاع تلك الماهية منها (1).
خلط بين العلل الإلهية والطبيعية، فإن الممثل له من قبيل الأول، ولا يعقل اجتماع علتين مستقلتين كذلك على معلول واحد، فإن المعلول بتمام هوية حقيقته ينشأ من العلة بتمام هوية حقيقتها، والأمثلة من قبيل الثاني، فإن في الأولين التأثير بمجموع العلتين في أمرين مجتمعين، لا بجامعهما في أمر واحد، والثالث ليس من العلية والمعلولية في شئ، فإن الذهن قد يلحظ الأفراد باستقلالها وبجميع مشخصاتها، وقد يلحظها معراة عن الخصوصيات، ويرى اشتراك الملحوظ في نوع واحد أو جنس واحد وغير ذلك، وأين هذا مما نحن بصدده؟!
في فقد الاستصحاب لبعض أركانه وقد يستشكل فيه: بأنه لا بد في جريان الاستصحاب من كون المستصحب حكما شرعيا، أو موضوعا ذا حكم شرعي، والجامع بين الحكمين لا حكم شرعي ولا موضوع ذو حكم شرعي، فإن المجعول هو الملكية المستقرة والملكية المتزلزلة - على المبنى الذي نسلكه فعلا - والجامع بينهما غير مجعول (2).